المنتدي الحضري العالمي، الكثير من السكان متروكون خلف الرّكب

تزامنًا مع انعقاد المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر (WUF12)في العاصمة المصرية القاهرة في الفترة 4-8 نوفمبر 2024، أطلق ديوان العمران حملة “الكثير من السكان متروكون خلف الركب”، حيث أن مبدأ “عدم ترك أحد خلف الركب” هو الوعد التحولي المركزي لخطة 2030 وأهداف التنمية المستدامة الخاصة بها، والتي تلتزم بها مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، بمعني عدم تهميش أحد، وإشراك الجميع في عمليات التنمية، والقرارات المتعلقة بتقرير المصير.

اختيار مصر لتنظيم هذا الحدث يعكس في الواقع المفارقات الكبيرة بين ما يُكتب ويُسوّق، وبين ما هو قائم على أرض الواقع ويؤثر على حياة المجتمع. فما هي إلا بضعة كيلومترات من مقر انعقاد المنتدى، حتى يرى المشاركون والمشاركات أن سكان جزيرة الوراق المصرية يعيشون تحت حصار أمني منذ سبع سنوات، لإجبارهم على التنازل عن أراضيهم لصالح الحكومة المصرية لإقامة مدينة “حورس”، إحدى مدن الجيل الرابع. وعلى بُعد بضعة كيلومترات أخرى، يمكن للجميع أن يشهدوا تدمير وإزالة مناطق تراثية تحمل تاريخ القاهرة العريق لصالح إنشاء محاور مرورية جديدة.

وهكذا، فإن الكثير من المصريين والمصريات تُركوا خلف الركب، بينما تتغاضى هيئات الأمم المتحدة عن الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة المصرية بحق السكان. بل ويشارك مكتب الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat) الحكومة المصرية في التخطيط والإعلان عن مشروعات يترتب عليها إخلاء قسري للسكان من منازلهم، مما يمثل تناقضاً بين دعوات الهيئات الأممية للالتزام بحقوق الإنسان ومشاركتها للجهات التي ترتكب انتهاكات هذه الحقوق.

الأهداف

تهدف حملة “الكثير من السكان متروكون خلف الركب” إلى تشجيع المشاركات والمشاركين في المنتدى الحضري على مطالبة الحكومة المصرية بتبني سياسات تنموية عادلة، وذلك عبر التركيز على عدة محاور:

  • ضمان حق السكن الملائم للفئات المستضعفة.
    الدعوة على العمل على توفير السكن الملائم لجميع المواطنين، مع إعطاء الأولوية للفئات المهمشة والأكثر ضعفًا، تأكيدًا على أن السكن هو حق وليس سلعة ربحية.
  • العمل على معالجة أزمة السكن والتفاوت الحضري.
    المطالبة بإيجاد حلول عملية لأزمة السكن الناتجة عن ارتفاع تكاليف المعيشة والتفاوت في الخدمات بين المناطق، مما يؤثر بشكل غير عادل على النساء والأطفال وذوي الإعاقة.
  • وقف عمليات الإخلاء القسري.
    مطالبة الحكومة المصرية بالإلتزام بمعاهداتها الدولية، التي تجرم اللجوء الى عمليات الإخلاء القسري، ولا تتيح الإخلاء الى في حالات قصوى، بعد التشاور الحقيقي مع السكان، وتوفير البدائل والتعويضات الملائمة.
  • التوقف عن هدم المناطق التراثية.
    دعوة الحكومة المصرية الى التوقف عن هدم مقابر الإمام الشافعي بالقاهرة، التي تحمل تاريخا كبير للقاهرة، ووضع استراتيجو واضحة للتعامل مع المناطق التراثية.
  • تبني استراتيجيات شاملة لمواجهة تأثيرات التغير المناخي.
    وضع استراتيجيات لحماية المدن المصرية من تأثيرات التغير المناخي المتوقعة، خاصة فيما يتعلق بارتفاع منسوب البحر وتآكل السواحل، والتخطيط العمراني المستدام الذي يأخذ هذه التحديات في الحسبان.
  • تحديث التشريعات والقوانين المصرية بما يتوافق مع الالتزامات الدولية.
    تبرز أهمية تحديث التشريعات المصرية لضمان حماية حقوق السكن وتحديد آليات تعويض عادلة وشاملة تغطي الأضرار الاجتماعية والثقافية. ولتحقيق تنمية شاملة، يجب أن تكون العمليات العمرانية في مصر شفافة ومستندة إلى معلومات متاحة للجميع، مما يُعزز من دور المجتمعات المحلية في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهم.

 

يمثل المنتدى الحضري العالمي فرصة لتجديد التزام مصر بتوفير السكن الملائم للجميع، مع ضرورة تكامل السياسات المحلية مع المعايير الدولية لحماية حقوق الفئات المتضررة من مشاريع التنمية. باتباع نهج عادل وشامل، يمكن لمصر بناء نموذج تنموي مستدام يُلبي احتياجات السكان ويحافظ على حقوقهم، ويمكّن المجتمع من مواجهة التحديات البيئية الراهنة والمستقبلية.