رأس الحكمة، للمخطط أبعاد أخرى

التسلسل الزمني للمشروع

في عام 2015 بدأ الحديث عن تحرك الحكومة المصرية لإقامة مشروع تنموي بمحافظة مطروح، وبدأ الحديث عن تهجير سكان رأس الحكمة والقري المجاورة بطول 50 كم على الشريط الساحلي، وقد صرح محافظ مطروح أن هذا الكلام مغلوط وأقسم أنه لن يضار أحد من المواطنين ولن يتم تهجيرهم، وأن مخطط التنمية والمساحة التي سيتم طرحها في البورصة العالمية ستكون خارج حدود المناطق السكنية، وفي تصريح سابق أيضا لمحافظ بورسعيد أكد أنه لن يتم تهجير السكان وأن قرار التخصيص الصادر عام 1975 بتخصيص مساحات من الأراضي لهيئة التنمية السياحية لا يشمل أى كردونات لقرى رأس الحكمة والقواسم والداخلة وضواحيها، إلا أنه بعد هذا التصريح بعام أعلنت المحافظة تسليمها 10 مليون جنيه لعدد 40 أسرة من أهالي رأس الحكمة كتعويض عن أراضيهم، الأمر الذي يجعل التساؤل قائم عن تضارب التصريحات الرسمية والتراجع عن وعود الحكومة للمواطنين.

8 أغسطس 2018، وقع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية والهيئة العامة للتخطيط العمراني والمجتمعات العمرانية الجديدة اتفاقية المساهمة، وأعلنوا عن إطلاق مشروع مدينة رأس الحكمة الجديدة في مصر، وتبلغ مساحة الواجهة البحرية الجديدة حوالي 55 ألف فدان، وتقع على الساحل الشمالي لمصر، بين مدينتين رئيسيتين من الغرب وعلى بعد 85 كم من مرسى مطروح ومن الشرق وعلى بعد 138 كم من مدينة العلمين الجديدة.

30 ديسمبر 2018 اُطلق مشروع تخطيط مدينة رأس الحكمة الجديدة ووضع الأسس والمبادئ التصميمية لها، وذلك بعقد اول اجتماع مع التحالف الدولي الفائز والمكون من شركة CallisonRTKL​ البريطانية و شركة Distance Studio Consultants​ المصرية، حيث يقوم برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية UN-HABITAT​ بدعم جهود وزارة الإسكان المصرية ممثلة في الهيئة العامة للتخطيط العمراني وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فى تحقيق التنمية المستدامة و تطوير مدن من الجيل الرابع وضمان الاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة وتحديد ما هو ضروري موارد التمويل لعملية التنفيذ.

22 يونيو 2020 صدر قرارا جمهوريا برقم 361، بإعادة تخصيص قطع الأراضى فيما بعد ناحية الساحل الشمالى الغربى بإجمالى مساحة نحو 707234.50 فدان لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لاستخدامها فى إقامة مجتمعات عمرانية جديدة، ونصت المادة الثانية من القرار باحتفاظ القوات المسلحة بملكياتها داخل حدود سائر المساحات المبنية المحددة في المادة الأولي.

6 يوليو 2021 تم الإعلان عن وصول حجم الاستثمار في مشرع “نايا باي” برأس الحكمة الى 7 مليار جنيه مصري.

حكومة أبو ظبي الإماراتية تستحوذ علي مشروع رأس الحكمة

في السبت 10 فبراير 2024 أعلن المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، في مداخلة هاتفية تليفزيونية، أن هناك لجنة قانونية وفنية تم تشكيلها بمجلس الوزراء لدراسة عروض الاستثمار في مشروعات هامة، وهذه اللجنة تتولى مهمة دراسة العروض التي من المتوقع أن تجلب موارد كبيرة من النقد الأجنبي، وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود الحكومة لتحقيق موارد إضافية من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأشار إلى أن هناك مفاوضات جارية مع المستثمرين، وستتم الإعلان عن كافة التفاصيل في وقت قريب.

أعلنت الحكومة المصرية في الجمعة 23 فبراير 2024 عن إقامة مشروع عمراني برأس الحكمة بمحافظة مطروح بتكلفة ضخمة تصل الى 35 مليار دولار، ومن المتوقع ان تصل حجم الاستثمارات خلال فترة المشروع الى 150 مليار دولار، ويأتي المشروع كما أعلنت عنه الحكومة بشراكة إماراتية مصرية، وتكون شركة أبو ظبي القابضة ممثلة للامارات بينما تمثل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة مصر، واعتبرت الحكومة المصرية أن هذه الصفقة تعد أكبر صفقة استثمار أجنبي مباشر في تاريخ مصر، وأن هذه الخطوة تأتي ضمن إطار قوانين الاستثمار المصرية.

أعلنت شركة أبو ظبي القابضة الإماراتية في بيان لها عبر موقعها الرسمي استحواذها على حقوق تطوير مشروع رأس الحكمة بمصر مقابل 24 مليار دولار، وتوقعت أن يستقطب المشروع استثمارات تزيد قيمتها عن 150 مليار دولار، وأن الشركة ستستثمر 11 مليار دولار في العقارات ومشاريع رئيسية أخرى في جمهورية مصر العربية إلى جانب حقوق تطوير رأس الحكمة، ومن المتوقع أن يبدأ العمل في أوائل عام 2025، وأن الحكومة المصرية ستحتفظ بحصة 35% في المشروع، مشيرة إلى أن هذا المشروع “يمثل خطوة محورية نحو ترسيخ مكانة رأس الحكمة كوجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركز مالي ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر”.

تصل المساحة الاجمالية لمنطقة رأس الحكمة الى ما يقرب من 55 الف فدان، أي ما يعادل 231 مليون متر مربع، وقد أعلن رئيس مجلس الوزراء مصطفي مدبولي أن شركة أبو ظبي القابضة استحوذت على ما يقرب من 170 مليون متر مربع، أي التصيب الأكبر من أراضي رأس الحكمة، وهي تقريبا مساحة الجزء المثلث المطل بضلعيه على البحر الأبيض المتوسط، وأن الشركة الإماراتية ستقوم بإنشاء شركة تحت مسمي رأس الحكمة، ومن المتوقع أن يبدأ العمل في المشروع في بداية عام 2025.

المخطط الاستراتيجي القومي للتنمية العمرانية مصر 2052

المخطط الاستراتيجي القومي للتنمية العمرانية هو مخطط تم وضعه عام 2014 من قبل الهيئة العامة للتخطيط العمراني ، ويشمل المخطط ثلاثة مراحل عشرية تنتهي بعام 2052، ويهدف المشروع الى أن تصبح مصر دولة متقدمة ومنافسة على المستوى العالمى ذات أقتصاداً معرفياً يستثمر قدرات الإنسان وعبقرية المكان والموارد، وتكوين مجتمعاً متوازناً متمسكاً بالهوية الوطنية وبموروثه الثقافي وقيمه الدينية والحضارية، وأن يتمتع فيها المواطنون كافة برغد العيش وجودة الحياة في إطار منظومة بيئية متكاملة ومناخ ديمقراطي دافعاً للتنمية المستدامة والمشاركة المجتمعية الفاعلة.

وفقا لرئيس مجلس الوزراء فإن مخطط التنمية الاستراتيجة 2052 يتضمن تنمية محافظة مطروح ومدينة السلوم الحدودية، ويتضمن المشروع تنفيذ 4 مدن جديدة في منطقة الساحل الشمالي الغربي، وهي رأس الحكمة والنجيلة وسيدي براني وجرجوب، وأن المخطط يتضمن تنفيذ مدن جديدة وليس مجتمعات سكنية فقط، وتوفر المخططات الجديدة مدن تحتوي على ملايين السكان بالإضافة لتوفير حياة معيشية تليق بالمواطن المصري، كما ستوفر ملايين فرص العمل.

شركة أبو ظبي التنموية القابضة

تأسست شركة أبو ظبي التنموية القابضة عام 2018 بموجب القانون رقم (2) لسنة 2018 كشركة إماراتية مساهمة عامة، ونقلت حكومة أبو ظبي ملكية أسهمها في شركات “توفور54، والاتحاد للقطارات، الشركة الوطنية للضمان الصحي (ضمان)، المؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة (Zones Corp)، شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة)، أبوظبي للطاقة (AD Power)، أبوظبي للمطارات (أداك)، مجموعة موانىء أبوظبي، شركة أبوظبي للإعلام (ADM)، أبوظبي لخدمات الصرف الصحي (ADSSC)، أبوظبي الوطنية للمعارض (ADNEC)، أبوظبي للخدمات العامة – مساندة، شركة الجرافات البحرية الوطنية، القابضة العامة (صناعات)، شركة مياه وكهرباء الإمارات (EWEC)، إيمج نيشن أبوظبي، سوق أبوظبي للأوراق المالية (ADX)، مؤسسة الإمارات للطاقة النووية (ENEC)، ” إلى الشركة “القابضة”، ثم أعلنت الشركة عن شراكتها مع صندوق مصر السيادي (TSFE)، وفي عام 2019 أنشأت الشركة مكتبها في مصر بناءً على منصة الاستثمار الإستراتيجية بقيمة 20 مليار دولار أمريكي التي تم إطلاقها في عام 2019 والتزام “القابضة” (ADQ) بالاستثمار في النمو الاقتصادي للبلاد.

استحوذت شركة أبو ظبي التنموية القابضة على حصص في 5 شركات مصرية عام 2022 بنحو 1.8 مليار دولار، “أبوقير للأسمدة” بنحو 21.5%، و20% من أسهم مصر لإنتاج الأسمدة “موبكو”، و32% من أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات ، ونحو 17% من أسهم “البنك التجاري الدولي”، و 12.6% من أسهم”فوري”، وفي عام 2023 استحوذت الشركة على حصص في 3 شركات مصرية أخري بقيمة 800 مليون دولار “25 %من الحفر الوطنية، ونحو 30 %من شركة إيثيدكو، بالإضافة إلى 35 %من الشركة المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطي (إيلاب)”، وفي يناير 2024 أعلنت شركتي القابضة وادنيك الاماراتيين استحواذهما على حصة 40.5% في أعمال الضيافة التابعة لمجموعة طلعت مصطفى القابضة المصرية.

للمشروع أبعاد أخري

مشروع التنمية العمرانية برأس الحكمة هو أحد المشروعات التنموية العملاقة التي أعلنت عنها الحكومة المصرية مؤخرا، ويقد يكون حجم الاستثمار في هذا المشروع هو أكبر حجم استثماري دولاري في تاريخ المشروعات العمرانية المصرية. تلعب العوامل السياسية والإقتصادية دورا هاما في حركة توجيه العمران وتشكيله؛ وهذا ما حدث بمشروع رأس الحكمة، فقد بلغ إجمالي الدين الخارجي بنهاية الربع الأول من عام 2023 نحو 165.4 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 40.3% من الناتج المحلي لمصر، وكانت مصر مطالبة خلال عام 2024 بسداد نحو 20% من إجمالي الديون الخارجية بما يعادل 32.8 مليار دولار، تأتي الإمارات كأكبر الدول العربية الدائنة لمصربنحو 11 مليار دولار، وهذا ما جعل استحواذ الشركة القابضة التابعة لحكومة أبو ظبي على نسبة 65% من المشروع مقابل 35% للحكومة المصرية، وكذلك سبق استحواذ الشركة الإماراتية على حصص في ثمانية شركات مصرية، وحصص في شركة طلعت مصطفي القابضة، مقابل التنازل عن 11 مليار دولار (5 مليار في الدفعة الأولي، و6 مليار في الدفعة الثانية) من ودائع الحكومة الإماراتية لدي البنك المركزي المصري، وضخ 24 مليار دولار أخرى على دفعتين.